السلطان المملوكى قنصوة الغورى السلطان الذى بكى عند استلامه حكم مصر خوفا من عزله أو قتله
السلطان المملوكى قنصوة الغورى
السلطان الذى بكى عند استلامه حكم مصر خوفا من عزله أو قتله
هو قنصوة بن عبد الله الأشرفى الغورى ولد فى سنة 850 هـ فى بلاد الجراكسة وينسب إلى طبقة الغور وهم مجموعة من الناس اشتهروا بتعليم وتربية الأطفال وكان من مماليك الأشرف قايتباى وكان السلطان قايتباى جعله مدة من الزمن فى ثكنة المماليك ليتعلم المهارات العسكرية وبعض الثقافة الإسلامية كغيره من المماليك ثم ما لبث أن أعتقه وعينه فى وظيفة " المسؤول عن ملابس السلطان " وترقى فى المناصب العسكرية واشترك فى بعض الحملات العسكرية ضد العثمانيين فأظهر قوة وبأس فعين نائب السلطنة فى طرطوس واستمر فى الصعود فى المناسب حتى قربه الأمير طومان باى الأول إليه وجعله وزيرا كبيرا واستمر كذلك حتى إختفاء السلطان طومان باى الأول وخلعه من العرش .
حدث ذعر فى القاهرة بسبب إختفاء السلطان طومان باى الأول وأدت الحالة المتردية والفوضى التى سادت البلاد والمصير المجهول الذى يواجه من يتولى حكم مصر إلى هروب الأمراء والمماليك من تولى هذا المنصب الذى أصبح ملطخا بالدماء وغالبا من يجلس على هذا العرش تكون نهايته إما القتل أو السجن .
اجتمع الأمراء فى القلعة لاختيار حاكم مصر الجديد وكان المرشح لمنصب السلطنة هو قائد الجيش الأمير تانى بك الجمالى وكان الأخير مختفيا من بطش السلطان طومان باى الأول لأن قائد الجيش لم يكن ولائه للسلطان طومان باى الأول ومع ذلك رفض الأمراء والجند الموافقة على توليته سلطانا بسبب ما إشتهر به من الطيش والشدة .
فكر المماليك فى المرشح الثانى لهذا المنصب وهو الأمير قنصوة الغورى واتفق عليه الأمراء والجنود وقالوا " ما نسلطن إلا هذا. فسحبوه وأجلسوه على العرش وهو يمتنع من ذلك ويبكى " .
كان قنصوة الغورى يبكى خوفا وخشية على نفسه من خاتمة السلاطين السابقين الذين قتلوا كلهم أو سجنوا على أخف الأحوال وقد كان اتفاق الأمراء على سلطنة قنصوة الغورى بسبب ما اشتهر به من اللين والود بل رأى البعض من هؤلاء الأمراء أنه يسهل عزله بسهولة مقارنة بمن سبقه لدرجة أن السلطان جديد اشترط قبوله لهذا المنصب قائلا : " أقبل ذلك بشرط أن لا تقتلوني بل إذا أردتم خلعى وافقتكم "
تلقب قنصوة الغورى بلقب أستاذه قايتباى " الملك الأشرف أبو النصر " وكان أول ما قام به هو تتبعه وبحثه للسلطان المخلوع طومان باى الأول وبالفعل تمكن من القبض عليه فى بيته القديم بالقاهرة قبل السلطنة فقطع رأسه وعلقت على فى قلعة الجبل .
كان السلطان قنصوة الغورى قريبا من الستين من عمره ومع ذلك كان رجل قوى وصلب وعمل بسرعة على إعادة النظام والإستقرار إلى العاصمة وملأ مناصب الدولة بمن يثق فيهم من كبار الأمراء وظل يتتبع من لا يثق فيهم ومن يشك فيهم حتى يقتلهم واحدا تلو الأخر
اكتشف السلطان ان خزينة الدولة فارغة فعمل على ملء الخزينة بسياسة مالية لم يسبقه إليها أحد من سلاطين المماليك إذ قام بفرض ضرائب إجبارية على كل نوع من أنواع الممتلكات على الأراضى والحوانيت والعقارات والطواحين والمعديات والسفن ودواب النقل وخدم القصور، كما ضاعف الرسوم الجمركية وتلاعب فى وزن العملة وهو ما يشبه تحرير سعر الصرف لتستفيد الخزينة من الفارق .
لم يكتفى السلطان بذلك بل قام بفرض رسوم حتى على الموتى وأشار على أحد مستشاريه بفرض ضريبة على المماليك والأمراء وكاد ينفذ ما يفكر به لولا أنه واجه معارضة شديدة من جانبهم وهو ما يهدد سلطنته فعدل عن قراره، وكانت النتيجة أن حقق السلطان ما يريده وحصل على ما يرغب به من أموال لملء خزينته ولكن كان على حساب شعبه الذى ازدادت حالته سوءا وأخذ يعانى من قسوة الضرائب الباهظة .
أما الأموال التى جمعها من الناس بهذه الطريقة التى ذكرناها فكان معظمها يصرف بسخاء فى وجوه غير منتجة على مجالسه الصاخبة، وملذاته المشتهرة وعلى جميع المماليك وأطماعهم ومصالحهم الشخصية ليضمن تجديد ولائهم، فضلا عن شراء عدد كبير من المماليك ليشكل السلطان فرقة عسكرية جديدة كعادة السلطان الكبار من قبله، وبعض الأموال أنفقها على المنشأت المعمارية التى بناها السلطان الغورى لأنه كان مغرماً بالعمارة فازدهرت في عصره، واقتدى به أمراء دولته في إنشاء العمائر، وقد خلف ثروة فنية بمصر وحلب والشام والأقطار الحجازية. واهتم بتحصين مصر فأنشأ قلعة العقبة وأبراج الإسكندرية. وجدد خان الخليلى فأنشأه من جديد وأصلح قبة الإمام الشافعى وأنشأ منارة للجامع الأزهر. وله مجموعة أثرية مهمة في حلب مكونة من ابنية وجامع ومدرسة بالإضافة لبنائه قصر فى جزيرة الروضة كثيرا ما كان يتنزه به ويقضي أوقات راحته وصفائه به .
فى عهده ظهرت القرصنة البرتغالية التى أدت إلى كساد التجارة فى الأراضى المملوكية وما ترتب على ذلك من شح موارد الدولة المالية فى دواوينها الثلاث المفرد والدولة والخاص وظهرت أثار هذه المشكلة حينما اجتمع الناس بالسلطان شاكين له اوضاعهم المالية بجرأة ووصفوا له الحال الاقتصادى السئ وغلاء اللحم والأقمشة والمواد الخام
ومع سوء الأوضاع المالية استجد السلطان الغورى طبقة فى الجيش المملوكى سميت بالطبقة الخامسة وكانت تتكون من أولاد الناس والعوام ومن لا يملكون الخبرة العسكرية الكافية وكان يعتمد عليهم فى حروبه البحرية ضد البرتغاليين .
في عهده أيضا اكتشف البرتغاليون في ذلك الوقت طريق رأس الرجاء الصالح وسيطروا عليه وكانوا يتطلعون إلى البحر الأحمر من أجل تحقيق حلم السيطرة على كل طرق التجارة فاستولوا على الحبشة ثم هاجمت سفنهم سواحل مصر والحجاز في عهد السلطان الغوري وحاولوا كسب تعاطف باقى أوروبا معهم بإكساب حملتهم على دولة المماليك بعداً صليبياً وأعلنوا أن هدفهم الرئيسى هو الأراضي المقدسة في مكة والمدينة .
أمر السلطان ببناء الشون وأرسل الحاميات البرية إلى السواحل لمنع تقدم البرتغاليين على الأرض، ثم بعد اكتمال جاهزية السفن بدأت معارك بحرية عنيفة وصفها الرمال في تأريخه نجحت فيها البحرية المملوكية في طرد السفن البرتغالية من البحر الأحمر والاحتفاظ به كبحيرة مملوكية مغلقة، ثم تقدمت سفن المماليك في المحيط الهندي وهاجمت القلاع البرتغالية على سواحل اليمن وعمان وإيران وشرق أفريقيا ثم طورت هجومها باتجاه المستعمرات البرتغالية في الهند لمساندة حاكم جوجارات الهندية الموالية للمماليك وهزموا البرتغاليين بالفعل عام 1508 في معركة شاول إلا أن البرتغاليين تمكنوا من إعادة تجميع اسطولهم وهاجموا اسطول المماليك في معركة ديو 1509 فهزموهم هزيمة قاسية فانسحب المماليك واكتفوا بالسيطرة على البحر الأحمر.
له صراع كبير مع الدولة العثمانية سنقوم فى حلقات اخرى بسرده بالتفصيل وإنتهى هذا الصراع بهزيمته أمام السلطان سليم الأول بعد خيانة خاير بك وبعد معركة مرج دابق تواترت بعض الأخبار ممن نجوا فى هذه المعركة على قتل السلطان قنصوة الغورى ليتم اختيار السلطان طومان باى الثانى خلفا له وترك السلطان قنصوة الغورى خزينة فارغة حتى خزائن بيت المال لم يكن فيها درهم ولا دينار .
السلطان الذى بكى عند استلامه حكم مصر خوفا من عزله أو قتله
هو قنصوة بن عبد الله الأشرفى الغورى ولد فى سنة 850 هـ فى بلاد الجراكسة وينسب إلى طبقة الغور وهم مجموعة من الناس اشتهروا بتعليم وتربية الأطفال وكان من مماليك الأشرف قايتباى وكان السلطان قايتباى جعله مدة من الزمن فى ثكنة المماليك ليتعلم المهارات العسكرية وبعض الثقافة الإسلامية كغيره من المماليك ثم ما لبث أن أعتقه وعينه فى وظيفة " المسؤول عن ملابس السلطان " وترقى فى المناصب العسكرية واشترك فى بعض الحملات العسكرية ضد العثمانيين فأظهر قوة وبأس فعين نائب السلطنة فى طرطوس واستمر فى الصعود فى المناسب حتى قربه الأمير طومان باى الأول إليه وجعله وزيرا كبيرا واستمر كذلك حتى إختفاء السلطان طومان باى الأول وخلعه من العرش .
حدث ذعر فى القاهرة بسبب إختفاء السلطان طومان باى الأول وأدت الحالة المتردية والفوضى التى سادت البلاد والمصير المجهول الذى يواجه من يتولى حكم مصر إلى هروب الأمراء والمماليك من تولى هذا المنصب الذى أصبح ملطخا بالدماء وغالبا من يجلس على هذا العرش تكون نهايته إما القتل أو السجن .
اجتمع الأمراء فى القلعة لاختيار حاكم مصر الجديد وكان المرشح لمنصب السلطنة هو قائد الجيش الأمير تانى بك الجمالى وكان الأخير مختفيا من بطش السلطان طومان باى الأول لأن قائد الجيش لم يكن ولائه للسلطان طومان باى الأول ومع ذلك رفض الأمراء والجند الموافقة على توليته سلطانا بسبب ما إشتهر به من الطيش والشدة .
فكر المماليك فى المرشح الثانى لهذا المنصب وهو الأمير قنصوة الغورى واتفق عليه الأمراء والجنود وقالوا " ما نسلطن إلا هذا. فسحبوه وأجلسوه على العرش وهو يمتنع من ذلك ويبكى " .
كان قنصوة الغورى يبكى خوفا وخشية على نفسه من خاتمة السلاطين السابقين الذين قتلوا كلهم أو سجنوا على أخف الأحوال وقد كان اتفاق الأمراء على سلطنة قنصوة الغورى بسبب ما اشتهر به من اللين والود بل رأى البعض من هؤلاء الأمراء أنه يسهل عزله بسهولة مقارنة بمن سبقه لدرجة أن السلطان جديد اشترط قبوله لهذا المنصب قائلا : " أقبل ذلك بشرط أن لا تقتلوني بل إذا أردتم خلعى وافقتكم "
تلقب قنصوة الغورى بلقب أستاذه قايتباى " الملك الأشرف أبو النصر " وكان أول ما قام به هو تتبعه وبحثه للسلطان المخلوع طومان باى الأول وبالفعل تمكن من القبض عليه فى بيته القديم بالقاهرة قبل السلطنة فقطع رأسه وعلقت على فى قلعة الجبل .
كان السلطان قنصوة الغورى قريبا من الستين من عمره ومع ذلك كان رجل قوى وصلب وعمل بسرعة على إعادة النظام والإستقرار إلى العاصمة وملأ مناصب الدولة بمن يثق فيهم من كبار الأمراء وظل يتتبع من لا يثق فيهم ومن يشك فيهم حتى يقتلهم واحدا تلو الأخر
اكتشف السلطان ان خزينة الدولة فارغة فعمل على ملء الخزينة بسياسة مالية لم يسبقه إليها أحد من سلاطين المماليك إذ قام بفرض ضرائب إجبارية على كل نوع من أنواع الممتلكات على الأراضى والحوانيت والعقارات والطواحين والمعديات والسفن ودواب النقل وخدم القصور، كما ضاعف الرسوم الجمركية وتلاعب فى وزن العملة وهو ما يشبه تحرير سعر الصرف لتستفيد الخزينة من الفارق .
لم يكتفى السلطان بذلك بل قام بفرض رسوم حتى على الموتى وأشار على أحد مستشاريه بفرض ضريبة على المماليك والأمراء وكاد ينفذ ما يفكر به لولا أنه واجه معارضة شديدة من جانبهم وهو ما يهدد سلطنته فعدل عن قراره، وكانت النتيجة أن حقق السلطان ما يريده وحصل على ما يرغب به من أموال لملء خزينته ولكن كان على حساب شعبه الذى ازدادت حالته سوءا وأخذ يعانى من قسوة الضرائب الباهظة .
أما الأموال التى جمعها من الناس بهذه الطريقة التى ذكرناها فكان معظمها يصرف بسخاء فى وجوه غير منتجة على مجالسه الصاخبة، وملذاته المشتهرة وعلى جميع المماليك وأطماعهم ومصالحهم الشخصية ليضمن تجديد ولائهم، فضلا عن شراء عدد كبير من المماليك ليشكل السلطان فرقة عسكرية جديدة كعادة السلطان الكبار من قبله، وبعض الأموال أنفقها على المنشأت المعمارية التى بناها السلطان الغورى لأنه كان مغرماً بالعمارة فازدهرت في عصره، واقتدى به أمراء دولته في إنشاء العمائر، وقد خلف ثروة فنية بمصر وحلب والشام والأقطار الحجازية. واهتم بتحصين مصر فأنشأ قلعة العقبة وأبراج الإسكندرية. وجدد خان الخليلى فأنشأه من جديد وأصلح قبة الإمام الشافعى وأنشأ منارة للجامع الأزهر. وله مجموعة أثرية مهمة في حلب مكونة من ابنية وجامع ومدرسة بالإضافة لبنائه قصر فى جزيرة الروضة كثيرا ما كان يتنزه به ويقضي أوقات راحته وصفائه به .
فى عهده ظهرت القرصنة البرتغالية التى أدت إلى كساد التجارة فى الأراضى المملوكية وما ترتب على ذلك من شح موارد الدولة المالية فى دواوينها الثلاث المفرد والدولة والخاص وظهرت أثار هذه المشكلة حينما اجتمع الناس بالسلطان شاكين له اوضاعهم المالية بجرأة ووصفوا له الحال الاقتصادى السئ وغلاء اللحم والأقمشة والمواد الخام
ومع سوء الأوضاع المالية استجد السلطان الغورى طبقة فى الجيش المملوكى سميت بالطبقة الخامسة وكانت تتكون من أولاد الناس والعوام ومن لا يملكون الخبرة العسكرية الكافية وكان يعتمد عليهم فى حروبه البحرية ضد البرتغاليين .
في عهده أيضا اكتشف البرتغاليون في ذلك الوقت طريق رأس الرجاء الصالح وسيطروا عليه وكانوا يتطلعون إلى البحر الأحمر من أجل تحقيق حلم السيطرة على كل طرق التجارة فاستولوا على الحبشة ثم هاجمت سفنهم سواحل مصر والحجاز في عهد السلطان الغوري وحاولوا كسب تعاطف باقى أوروبا معهم بإكساب حملتهم على دولة المماليك بعداً صليبياً وأعلنوا أن هدفهم الرئيسى هو الأراضي المقدسة في مكة والمدينة .
أمر السلطان ببناء الشون وأرسل الحاميات البرية إلى السواحل لمنع تقدم البرتغاليين على الأرض، ثم بعد اكتمال جاهزية السفن بدأت معارك بحرية عنيفة وصفها الرمال في تأريخه نجحت فيها البحرية المملوكية في طرد السفن البرتغالية من البحر الأحمر والاحتفاظ به كبحيرة مملوكية مغلقة، ثم تقدمت سفن المماليك في المحيط الهندي وهاجمت القلاع البرتغالية على سواحل اليمن وعمان وإيران وشرق أفريقيا ثم طورت هجومها باتجاه المستعمرات البرتغالية في الهند لمساندة حاكم جوجارات الهندية الموالية للمماليك وهزموا البرتغاليين بالفعل عام 1508 في معركة شاول إلا أن البرتغاليين تمكنوا من إعادة تجميع اسطولهم وهاجموا اسطول المماليك في معركة ديو 1509 فهزموهم هزيمة قاسية فانسحب المماليك واكتفوا بالسيطرة على البحر الأحمر.
له صراع كبير مع الدولة العثمانية سنقوم فى حلقات اخرى بسرده بالتفصيل وإنتهى هذا الصراع بهزيمته أمام السلطان سليم الأول بعد خيانة خاير بك وبعد معركة مرج دابق تواترت بعض الأخبار ممن نجوا فى هذه المعركة على قتل السلطان قنصوة الغورى ليتم اختيار السلطان طومان باى الثانى خلفا له وترك السلطان قنصوة الغورى خزينة فارغة حتى خزائن بيت المال لم يكن فيها درهم ولا دينار .
ليست هناك تعليقات