ضع اعلان هنا

اخر الأخبار

الجواب ما ترى


"هؤلاء الرؤساء لا تحل طاعتهم ولا تجوز إمارتهم، أنهم فساق فجرة، فاخلعهم عنا،… ونحن بين يدي الله محاسبون فإن أذنبنا فنحن لا أنت المعاقبون، فإنك إن تركتهم وأنت قادر عليهم، أعادوا بقية بلاد المسلمين إلى الروم، وكنت أنت المحاسب بين يدي الله "
هكذا أفتي فقهاء اشبيلية ليوسف بن تاشفين أمير المرابطين طالبين منه القدوم إلى الأندلس وضمها إلى دولته، هكذا رأوه ورأوا دولة المرابطين أهلا ليس فقط لحكم الأندلس وإنما أيضا للحفاظ عليها من الضياع والوقوع تحت سيطرة القشتاليين. لم يكن ابن تاشفين حينها غريبا عن الأندلس فقد جاءها قبل عدة أعوام بعد أن استنصره المعتمد بن عباد وبعض من ملوك الطوائف بعد أن ازداد خطر ألفونسو وصار قاب قوسين أو أدني من احتلال أراضي المسلمين في الأندلس. لم يتوان ابن تاشفين وتحرك على رأس جيشه في يوم من أيام الإسلام الأولى، الثالث والعشرون من أكتوبر 1086، يومها انتصر المرابطون في الزلاقة وأعطوا قبلة الحياة لدولة الإسلام في الأندلس والتي دامت بعدها أكثر من أربعمائة عام.
لم تكن هذه هي البداية، فقد كانت البداية قبل ذلك بأكثر من ثلاثين عاما. هناك في أقصى غرب القارة الأفريقية وبالقرب من حوض نهر السنغال بدأ الأمير يحيي في كتابة تاريخ المرابطين القصير يدا بيد مع عبد الله بن ياسين ... ذلك الفقيه الجليل الذي أدب ملثمي صنهاجة فأحسن تأديبهم، وكون بهم دولة امتدت من المحيط الأطلسي غربا حتى قرب بحيرة تشاد شرقا، ومن الأندلس شمالا حتى حوض نهر السنغال جنوبا، لتغطي مساحتها مساحات أو أجزاء من عشرة دول في الوقت الحاضر، وتمكن للإسلام أن يحكم أراض لم يرها حكام مسلمون بعد ذلك.
لكن الرياح لا تأتي دائما بما تشتهي السفن، وبينما شهد القرن الحادي عشر بزوغ نجم هذه الدولة الفتية ثم سطوع هذا النجم في عهد ابن تاشفين أمير المسلمين وناصر الدين، لم يلبث القرن الثاني عشر أن شهد زوال هذا النجم وأفوله لصالح الموحدين، تخضبت أراضي مراكش المرابطية بالدماء في المشهد الأخير من معركة النهاية وذهبت أراضي المغرب والأندلس لجعبتهم بينما أراضي الغرب الأفريقي فقدت ولم تعد، ذهبت إلى غياهب التاريخ ولم يقيض الله لها رجلا مثل أبو بكر بن عمر اللمتوني ليعيدها إلى حضن المغرب مرة أخرى، لم يقيض لها رجلا مثل ابن تاشفين ليُري ألفونسو رده على رسالة تهديده بدلا من أن يسمعه إياه، لم يقيض لها رجلا مثل ابن ياسين صاحب بذرة المرابطين، زرعها في أرض لم تعرف الإسلام من قبل، فطرحت حياة زاهرة قرابة قرنا من الزمان، ثم كف زارعوها عن سقياها فماتت البذرة وبارت الأرض وجاء من اجتث الزرع وقضى على هذه البذرة ...



ليست هناك تعليقات